تقرير أعده اللوبي النسوي السوري عن جريمة التهجيرِ القسريّ وأثره على السوريات المهجرات
أطلق اللوبي النسوي السوري تقرير “لم نودع أحداً” عن جريمة التهجيرِ القسريّ في السياقِ السوري وأثرِه ِفي النساءِ السوريَّاتِ المهجّرات، الذي شارك في إعداده كل من: ريما فليحان، جمانة سيف، جدان ناصيف، و جوليا جمال.
إعداد التقرير كان بدعم من المبادرة النسوية الأورو متوسطية، وإطلاقه كان تطبيق زووم وبحضور ممثلين وممثلات عن منظمات دولية ومنظمات المجتمع المدني في سوريا.
افتتحت إطلاق التقرير السيدة ريما فليحان بكلمة أشارت فيها إلى رمز باص النقل الداخلي “الباص الأخضر” الذي اُستخدم لنقل الشبيحة ورجال الأمن لمواجهة المتظاهرين\ات السلميين\ات في بداية الثورة عام ٢٠١١ ثم استخدمه النظام لنقل السكان المهجرين من بيوتهم وأماكن سكنهم إلى المناطق الجديدة التي زرعوا فيها، مبينة أن الباص الأخضر في سوريا ليس مجرد وسيلة للنقل بل رمز للقهر والاعتقال والتهجير.
كما أكدت فليحان على أن تقرير “لم نودع أحداً” يرصد الأثار النفسية والقانونية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية على النساء اللواتي تم تهجيرهن قسريا كما يقدم التقرير توصيات عملية لدعم النساء المهجرات والتعامل مع الآثار التي خلفها التهجير القسري في سوريا.
وذكرت ريما بعض الأثار النفسية للتهجير على المهجرات مثل التغير على مستوى المشاعر والمزاج والأفكار والسلوك المعتاد، وتولد مشاعر سلبية عن الذات وعن الآخرين وشعور باليأس وميل للعزلة وتجنب الحديث عن التهجير أو أي شيء مرتبط به و شعور بالخدر العاطفي، إضافة إلى نوبات غضب وعدم قدرة على السيطرة على الانفعالات، وأعراض اقتحامية؛ استرجاع مفاجئ للذكريات المؤلمة، وكوابيس، ناهيك عن حالات الحداد والحزن، ومؤكدة أن النساء المهجرات لم يتلقين الدعم النفسي اللازم.
وبحسب جوليا جمال فإنه تم إجراء ٢٨ مقابلة معمقة وطويلة استمر بعضها لأكثر من ثلاث ساعات، موضحة أن أغلب المقابلات تم إجراءها بشكل فيزيائي، وأوضحت جمال أن السيدات اللواتي أجريت معهن المقابلات هن سيدات تعرضن للتهجير من ريف دمشق ومن مدن حمص ودرعا وحلب وعفرين وهن حالياً موجودات في مدن ومخيمات مختلفة، وأشارت الناشطة جمال أن السيدات كن من أعمار مختلفة وأن بعضهن يعانين من إعاقة أو من أمراض مزمنة، في إشارة منها إلى محاولة التقرير لتغطية أثر التهجير على نساء من خلفيات اقتصادية وتعليمية واجتماعية وصحية مختلفة.
ومن جهتها تكلمت جمانة سيف عن الآثار القانونية للتهجير القسري موضحة أنه وفقاً لميثاق روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية يعتبر التهجير القسري “جريمة حرب”، مبينة أن التهجير يخلق سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان، كونه يفرق الأسر ويمزق الروابط الاجتماعية والأسرية، ويسبب خسارة لفرص العمل والتعليم، إضافة إلى حرمان الناس من المستلزمات الاساسية مثل الغذاء والدواء والسكن الملائم، وأن التهجير القسري في سوريا لم يتم ضمن ظروف آمنة تصون كرامة الإنسان وأبسط حقوقه.
وأشارت سيف أنه عند سؤال الشاهدات عن سلامتهن البدنية والنفسية والمعنوية، عبرن بأنهن لا يشعرن بالحرية والأمان وأنهن يتعرضن للضغوط وا لتهديد بشكل مستمر، وبصورة خاصة الناشطات المدنيات و الحقوقيات منهن أو اللواتي يعملن في حقل الإعلام.
كما أوضحت سيف أن حياة النساء المهجرات تُنتهك أيضاً وذكرت كيف تم قتل الناشطة النسوية “هبة حاج عارف” التي فقدت حياتها ثمن دفاعها عن حقوق النساء وحقوق الإنسان، مبينة أن الماجرين والمهجرات هم أيضاً تحت رحمة قصف طيران النظام السوري والروسي.
كذلك بينت وجدان ناصيف التي شاركت أيضا في إعداد تقرير “لم نودع أحداً” عن الآثار الاجتماعية للتهجير القسري على النساء، موضحة أن النساء قبل التهجير عشن لفترة طويلة تحت التجويع والحصار والقصف، مؤكدة أن التهجير القسري هو عنف مضاف لكل أنواع التعنيف الذي عاشته النساء قبل وخلال الثورة.
يضيء تقرير “لم نودع أحداً” على التهجير القسري، بوصفه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ويسلط الضوء على أثره بصورة خاصة على النساء السوريات المهجّرات من منظور نسوي، من خلال مناقشة المحاور التالية:
· سياق التهجير القسري في سوريا
· عامل الإكراه في التهجير
· آثار التهجير القسري (القانونية، والنفسية، والأمنية، والاجتماعية، والاقتصادية) في النساء
ويغطي التقرير عمليات التهجير القسري التي حصلت في سوريا منذ عام ٢٠١٤ حيث بدأت أولى “اتفاقيات التهجير القسري المنظم في مدينة حمص القديمة تحت مسمى “هدنة حمص” مرورا بتهجير سكان ريف دمشق الغربي عام ٢٠١٦، ومن ثم تهجير السكان الرافضين للتسوية مع النظام عام ٢٠١٨ في مدينة درعا، إضافة إلى تهجير سكان في كل من مدينة: كفريا، الفوعة، الزبداني، مضايا، وتهجير سكان مدينة عفرين عام ٢٠١٨ ضمن عملية “غصن الزيتون” التي شنتها تركيا، وتهجير السكان من مدينة حلب عام ٢٠١٦.
و يشـير التقريـر إلـى اسـتخدام نظـام الأسـد جريمـة التهجيـر القسـري للتخلـصّ مـن سـكان المـدن والمناطـق الثائرة وذلـك مـن خلال الحـملات العنيفـة التـي شـنها ضـد المدنـيين\ات، عبـر قـوات الجيـش والأمــن والميليشــيات التابعــة لــه، واقتحــام الجيــش للمــدن والبلــدات للاعتقــال والقتـال، وحصـار المـدن والبلـدات وقصفهـا وتدميرهـا، مـا جعـل السـكان مجبريـن ومكـرهين علـى اتخـاذ قـرار الرحيـل.
كما تعمق التقرير بالتركيز على ما مرّت به النساء وأسرهن من قصف، وحصار، وتجويع خلال السنوات السابقة.
اعتمدت معدات التقرير على إجراء مقابلات مع شاهدات عشن التهجير القسري، تم إجراء المقابلات بين شهري تشرين الثاني ٢٠٢٣ وكانون الثاني ٢٠٢٤، و ُُكتــب التقريـر خلال الشــهور الثالثــة الأولــى من عام 2024، المقابلات تم تسجيلها بعـد الحصـول علـى موافقـة مسـتنيرة مــن الشــاهدات، شـُـرح قبلهــا أهــداف المقابلــة، ونتائجهــا ا لمتوقعــة، ومضمــون الأســئلة، كمــا ُُأبلغــت الشــاهدات بحقهــن وحريتهــن فــي التوقـف أو الانسـحاب فـي أي وقـت مـن المقابلـة أو تجـاوز أي سـؤال ليـس لديهـن رغبـة بالإجابـة وتم إجراء المقابلات بوجــود دعــم نفســي تم تقديمه للشاهدات.