يشير تقرير لجنة التحقيق التي شكلتها وزارة الداخلية بشأن جرائم الاختطاف بحقّ النساء والذي صدر في ٢تشرين الثاني ٢٠٢٥، إلى أن الحكومة المؤقتة غير جادة بالتعامل مع أمن النساء السوريات على وجه الخصوص ومع ملف الأمن الانتقالي بصورة عامة. التقرير لا يكتفي بإنكار معاناة النساء بل يحوّلهن وذويهن إلى متّهمات/ متهمين، فالتقرير مهين وصادم ويؤدى إلى تسهيل الطعن بأخلاق النساء وامتهان كرامتهن ويعمل على إذلال مجموعات أهلية واسعة، كما أغفل جميع التقارير الحقوقية والدولية الموجهة للحكومة المؤقتة.
إذ وجهت المقررات والمقررون الخاصون التابعون للأمم المتحدة رسائل إلى الحكومة المؤقتة حول اختطاف النساء من أقليات دينية في تموز وآب ٢٠٢٥، وأكدوا في رسائلهم المنشورة أصولاً على ضرورة حماية النساء من الآثار الممتدة للخطف على مجتمعاتهن والمحاسبة وتقديم بيئة مراعية للجندر، للضحايا وذويهن.
كما أفادت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر في تموز ٢٠٢٥ عن تلقيها بلاغات ذات مصداقية حول ٣٦ حالة خطف لفتيات ونساء تتراوح أعمارهن بين ٣-٤٠ عاماً تم اختطافهن في وضح النهار من اللاذقية وطرطوس وحمص وحماه من قبل مجهولين، قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق خطف خمس سيدات وثلاث فتيات من الطائفة العلوية.
وبحسب تقريرها الصادر في آب ٢٠٢٥ “وثقت اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق بشأن الجمهورية العربية السورية خطف ست نساء من الطائفة العلوية على يد جهات غير معروفة خلال الربيع، مع ورود تقارير موثوقة عن المزيد من حالات الخطف” كما أشارت إلى عشرات الحالات الأخرى الموثقة حتى تاريخ إعداد تقريرها. في معرض تقريرها نوهت اللجنة إلى استخدام لغة طائفية من قبل فصائل مسلحة ضد النساء المختطفات في أعقاب مجازر الساحل، كما أشارت إلى حادثة بيع لامرأة من الطائفة العلوية من ضمن الحالات التي حققت بها. وأكدت اللجنة أن بعض عائلات الضحايا تعرضوا للتهديد والترهيب بسبب مطالبتهم بالمساءلة، كما أشارت إلى تعرض الأهالي للضرب أثناء الاستجواب وإجبارهم على الإدلاء ببيانات عامة.
إن خطف النساء هو جريمة ذات طبيعة خاصة تتطلّب معايير تحقيق مهنية دقيقة تراعي حساسية الضحايا وخصوصية الانتهاك، وتقتضي هذه المعايير إنشاء لجنة تحقيق مستقلة ومحايدة، تتكون من أعضاء يتمتعون بخبرة مثبتة في التحقيق بجرائم الخطف والعنف الجنسي ضد النساء، على أن يكون ما لا يقل عن نصف أعضاء اللجنة من النساء . كما ينبغي أن تتمتع اللجنة بصلاحيات تتيح لها ضمان السرية الكاملة وحماية الضحايا، وأن تقدم لهن الدعم الطبي والنفسي والقانوني اللازم.
غير أن اللجنة التي شكلتها وزارة الداخلية لا تستوفي شروط الاستقلالية ولا متطلّبات الكفاءة، إذ تتكون بالكامل من موظفين في الوزارة ذاتها، من دون أن تذكر أي مشاركة نسائية في عضويتها، كما لم يقدم ما يثبت امتلاك أعضائها خبرة متخصصة في هذا النوع من الجرائم.، أو تقديمهم ضمانات حماية للضحايا وعائلاتهن. نضيف إلى ذلك، لم تعلن الوزارة عن آليات التواصل مع اللجنة أو منهجية التحقيق أو المعايير التي استندت إليها اللجنة في استخلاص نتائجها، مما يجعل هذه النتائج فاقدة للأساس المهني الذي يضمن صحتها وموثوقيتها.
إن تجاهل المعايير المعتمدة في التحقيق بجرائم العنف الجنسي والخطف يفضي بالضرورة إلى نتائج بعيدة عن الحقيقة، لأن هذه المعايير ليست شكلية، بل تؤدي وظيفة جوهرية في ضمان العدالة والوصول إلى الحقيقة. وبدلًا من أن يبعث تحقيق الوزارة برسالة طمأنة للرأي العام والضحايا، قد يشكل رسالة تشجيع للمجرمين بأنهم في مأمن من الملاحقة والمحاسبة.
إن كشف الحقيقة هو حق أساسي للضحايا وعائلاتهن، وتتحمل الحكومة السورية المسؤولية الكاملة في هذا الصدد.
سبق وتَبِعَ بيان اللجنة حملات تحريض والعديد من المقابلات على وسائل الإعلام السورية الرسمية وغير الرسمية اتهمت فيها الجهات الحقوقية المشهود لها بنضالها ضد نظام الأسد والتي تعمل على توثيق هذه الانتهاكات والجرائم، بشن حملات سياسية تحريضية ضد الحكومة المؤقتة مما يشير إلى عدم نية الحكومة بأخذ الحملات الحقوقية المحلية على محمل الجد ويؤدي إلى تضييق الفضاء المدني والتضييق على الحقوقيين والحقوقيات بتهم تغذي خطاب الكراهية.
نصدّق الناجيات ونطالب بالعدالة، نقف ضد أية محاولات للتزوير الإعلامي وتزييف الحقائق، ضد أية محاولات مشبوهة للتأثير على الرأي العام.
نحمل الحكومة السورية المؤقتة مسؤوليتها القانونية الكاملة عن سلامة المختطفات والعائدات من الخطف وسلامة عائلاتهن وسلامة النساء وإلقاء القبض على المجرمين ومحاكمتهم وإنهاء الإفلات من العقاب ومنع التكرار.
نناشد جميع المنظمات الحقوقية المحلية والدولية والأفراد في أخذ دورهم في الكشف عن الحقائق والمطالبة بتحقيق دولي عاجل ومستقل لإنصاف المختطفات والناجيات وقضيتهن وحصولهن على العدالة.
كونوا معنا في هذه الحملة وشاركونا التوقيع.
الموقعون/الموقعات
حملة وينن – اللوبي النسوي السوري
حملة أوقفوا خطف النساء السوريات
دولتي
النساء الآن للتنمية
النساء الآن من أجل التنمية – لبنان


