تبدأ سوريا اليوم مرحلة جديدة مع تشكيل الحكومة الجديدة التي تأتي بعد الإعلان الدستوري الذي لم يرتق لأحلامنا كونه يؤسس لتمركز السلطة في شخص الرئيس ويقيد الحريات بمحددات ملتبسة تتعلق بالنظام العام والاداب العامة مما قد يعطي الهامش لقمع الحريات والحقوق عامة وحقوق النساء خاصة، ونعبر عن قلقنا من تنميط دور النساء بدورها الأسري فقط دون تعزيز حضورها سياسيا وفي المجال العام .
كما أن الإعلان الدستوري وعلى الرغم من وجود مبدأ فصل السلطات إلا انه يخلق تداخل بين تلك السلطات من خلال حصر مسؤولية رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة وتعيين المجلس القضائي الأعلى وتعيين ثلث مجلس الشعب وتشكيل اللجنة المسؤولة عن تعيين الثلثين الباقيين في يد رئيس الدولة دون وجود اي مادة لمحاسبة رئيس الدولة وهو ما قد يشكل مناخا ملائما لخلق حكم شمولي ان لم يتم تعديل تلك المواد.
جاء إعلان تشكيل الحكومة الأمس بشكل يمثل استبعاد للكفاءات النسائية حيث لم تشمل الحكومة إلا امرأة وحيدة وهو لا يعبر عن نضال النساء السوريات وحقهن في المشاركة في العمل السياسي ضمن أدوار قيادية وهن قادرات على ذلك، ويمتلكن الكفاءة للقيام بمثل تلك الأدوار.
وعلى الرغم من وجود وزراء يتمتعون بالكفاءة في الحكومة إلا أن هذه الكفاءة تحتاج لصلاحيات واسعة ومساحة للنقد البناء والمحاسبة لضمان جودة الأداء فيما يرتقي للاحتياجات الكبيرة لسوريا والشعب السوري في مرحلة صعبة وحساسة على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي.
نتطلع اليوم ككل السوريين والسوريات إلى تحقيق الاستقرار والنمو في بلدنا المنكوب ونطالب بمشاركة أوسع للنساء السوريات في عمليات البناء والمجالس المحلية وإدارات الدولة ، كما نطالب بتوفير مساحة آمنة لعمل منظمات المجتمع المدني التي تشكل رافداً هاما لعمل أي حكومة تريد فعلاً النهوض بالبلاد والمجتمعات المتنوعة في وطننا، وفي هذا السياق فإننا نطالب منظمات المجتمع المدني بأخذ دورها الرقابي والحيادي اتجاه الحكومة و استمرار العمل من أجل المساهمة بترميم الجراح والبناء.
ونطالب الحكومة بإنشاء هيئة للعدالة الانتقالية التي ستساهم في حال انشأت على يد مختصين ومختصات في تحقيق السلم الاهلي والمحاسبة لكل من تورط في دماء السوريين.
نتنمنى التوفيق للحكومة ولشعبنا الاستقرار والعدالة وتحقيق مبدأ المواطنة وتكافؤ الفرص دون اي تمييز.
عاشت سوريا حرة مستقلة وعاش الشعب السوري بنسائه ورجاله بكرامة وحرية، مواطنات ومواطنين في وطن يحترم الجميع ويحقق لهم المساواة والكرامة والعدالة.
