آلاء محمد – صحفية سورية وعضوة باللوبي النسوي السوري
عنف مغلف بالدعابة.. مشاهير السوشيال ميديا يطبعون للعنف ضد المرأة
ضرب وركل وتعنيف لفظي واستهزاء، هذا ما ينشره شابان سوريان لديهما أكثر من 87 ألف متابع في تطبيق “التيك توك”، مقاطع تحرض على تعنيف النساء وتوحي للمتابع أن هذا الوضع الطبيعي للتعامل مع المرأة.
أحدهما يأخذ دور الزوجة والآخر الزوج، ولكن اللافت والمزعج في محتوى هذين الشابين، أن الزوج في كل مقطع يقوم
بضرب الزوجة، ويعتمد المقطع كليا على مشهد العنف هذا، وعندما تابعت التعليقات وجدت أن معظم الذين علقوا كانوا مؤيدين لضرب الزوجة لأنها وفق قولهم “غبية أو استفزازية” وجلهم يجدون الفيديو مضحكاً.
وإذا ما ألقينا نظرة عامة على بعض مشاهير السوشيال ميديا، نجد أن عددا منهم ركز على تمثيل مثل هذه المقاطع التي تنال من كرامة المرأة وتعزز النظرة النمطية لها، حيث تركز على إظهار النساء كـ”غبيات وأفكارهن سطحية واهتماماتهن تافهة وطماعات وشيطانات وانتهازيات”، وأنهن يستحققن العنف الذي يوجه لهن.
عنف مغلف بالدعابة
هذه المحتويات هي عنف مغلف بالدعابة والسكتشات المضحكة حسب اعتقادهم، تسخر من الفتيات العازبات والنساء المتزوجات والأمهات العاملات والسياسيات والعاملات في الشأن العام، والمؤسف أن بعض النساء يتواطأن مع هذا النمط من المحتويات ربما عن غير قصد أحيانا.
إن إنتاج مثل هذه الفيديوهات وإعتبارها “دعابة” غير مقبول نهائيا، وهي تشجع على التفاهة والدونية، ولا تفصل بين ما هو جاد وما هو هزل، فلا يمكن استخدام النساء كأداة للضحك والسخرية.
والمخيف في هذا الأمر، أن المتابعين/ ات يجدونه مضحكا ولا ضرر فيه ولا يصنف كعنف بالنسبة لهم، وقد ت/ يوصم من يـ/تعترض عليه بالحساسية المفرطة أو ي/ تتعرض للتنمر والعنف، لا سيما في مجتمعاتنا الغارقة بالذكورية.
رثاثة أخلاقية
سهولة وصول هؤلاء المشاهير للناس من خلال تطبيقات السوشيال ميديا، جعلت احترام النساء وكرامتهن وأجسادهن وحياتهن مباحة للعبث، وذلك لأن المقاطع المسيئة والمحرضة على العنف ضدهن أصبحت أمرا عاديا يفعله البعض ببساطة من أجل رفع نسبة المشاهدات وكسب المتابعين/ ات وزيادة عدد اللايكات، في ظل غياب قوانين ناظمة للمحتويات المنشورة في الصفحات تحمي حقوق المرأة وكرامتها.
والخطير هو اعتياد الناس على مثل هذا النمط من المقاطع سواء على الفيسبوك أو أنستاغرام أو توتير أو تيك توك، ووقعها مدمر للمجتمع، إذ يتم استخدامها للترويج لأفكار متخلفة مسيئة وضعت المرأة في موضع لا تستحقه وحدّت من حريتها وقتلت مواهبها وسلبت قدراتها.
وهنا لا بد من السؤال، ما المضحك في مقطع يقوم به الزوج بضرب زوجته!
لا يمكن تفسير هذا السلوك إلى بأنه تحقير ودونية وإساءة وتحجيم لمكانة المرأة وقيمتها في المجتمع،
إضافة إلى إهمال وتجاهل للحالة التي تعيشها النساء وسط التمييز الجنسي والجندري، وعدم التعرض لقضاياهن بشكل جدي، ويهدف هذا النوع من المحتويات إلى إذلال النساء وتذكيرهن بتفوق الرجل عليهن وفق العقلية الذكورية.
وصاية الذكور على النساء والتحريض على تعنيفهن
ومن المحتويات التي ينشرها بعض الرجال السوريين، والتي يمارسون من خلالها دور الوصاية على النساء السوريات اللواتي يظهرن في السوشيال ميديا، وينهالون عليهن بالشتائم ووصمهن بصفات مثل عاهرة وفلتانة، حتى وصلت في بعض الأحيان إلى التحريض على قتلهن.
إذ تداول شبان سوريون قبل أيام مقطعا لفتاة سورية تغني وترقص على حسابها الشخصي في “تيك توك”، وطلبوا من الأشخاص في منطقتها قتلها، وكتب أحدهم “لو حلوة كنا تحملنا بس على هالخلقة اقتلوها وريحونا منها”.
والتحريض على قتل النساء في مجتمعاتنا حلال ولا يخجل الرجال منه، بل يتباهون بذلك علنا، ذلك لأن الاعتقاد الشائع في المجتمعات الذكورية، أن المرأة هي ملكية خاصة لا حول لها ولا قوة، يجب أن تكون حيث يضعها الرجل، خاضعة خانعة لا رأي لها على حياتها أو خياراتها.
العنف الإلكتروني
هو أي فعل يؤدي إلى إيذاء المرأة أو تهديدها أو الإضرار بها أو بحياتها أو سمعتها أو بكل ما يحيط بها، ويأخذ أشكالًا عديدةً منها التهديدات المباشرة أو غير المباشرة وانتهاك خصوصيتها أو إرسال أو تبادل صور جنسية أو انتحال شخصيتها والسطو على حسابها وتهكيره والسيطرة عليه، أو التحقير من شخصها أو تشويه سمعتها أو التحريض ضدها، وحتى الآن لا يوجد قوانين واضحة فيما يتعلق بالعنف الإلكتروني.
وأرى أن المحتويات التي تنشر كمقاطع كوميدية أو اسكتشات تمثيلية والتي تستخدم النساء بهذه الطريقة المهينة وتطبع على العنف ضدهن، تعتبر من العنف الإلكتروني ويجب أن نسعى كنسويات ونسويين لمحاربة مثل هذه المحتويات ونعمل على الضغط على جهات حقوقية لتدفع الحكومات لنص قوانين تحمي كرامة المرأة.
كما ينبغي أن تتكاتف الجهود حتى تتمكن عجلة التغيير من الدوران حتى نتمكن من إسقاط المنظومة الذكورية المهيمنة في مجتمعاتنا، وأن نتعاون من أجل بناء منظومة بديلة قائمة على قيم العدالة والمساواة وحقوق الإنسان.
خاص باللوبي النسوي السوري – حملة مارح أسكت