“لوبي سياسيّ مستقلّ غير حزبيّ ملتزم بالمشاركة المتساوية للمرأة والرجل في جميع عمليات صنع القرار السياسيّ في سوريا وعلى جميع المستويات، يؤمن أعضاؤه بأنّ الديمقراطيّة لا يمكن أن تبنى من دون الاحترام والتنفيذ الكامل لحقوق المرأة كحقوق عالميّة للإنسان، ومبادئ المساواة الكاملة بين المرأة والرجل في الحياة الخاصّة والعامّة” هكذا يعرّف اللوبي النسويّ السوريّ بنفسه على موقعه الرسميّ على شبكة الانترنت، اللوبي الذي تأسّس قبل عام وبضعة أشهر، وقابل نائب المبعوث الأمميّ إلى سوريا مؤخّرًا في جنيف، ما زال يعمل على الدور السياسيّ للمرأة السورية، ويرى في ذلك أولويّة وضرورة تتيح الوصول إلى كافة الحقوق لاحقًا. ولكن؛ هل هناك نتائج سيحققها هذا اللوبي في أوج القتل اليومي؟ هل سيدخل في صراعات كباقي التشكيلات السياسية وانشقاقات أم سيستمر؟ هل سيعمل في الإغاثة؟ وهل الوجوه النسويّة المعروفة ذاتها ستبقى كما هي؟
أداةُ ضغط وليس حزبًا سياسيًا.
ريما فليحان: “اللوبي أداة ضغط تريد العمل على كلّ القوى السياسيّة لدعم تمثيل النساء ومشاركتهنّ بالعمل السياسيّ دون أيّ خندقة لصالح جهة دون أخرى، هدفنا دعم المشاركة السياسيّة للمرأة أينما كانت، وضمان وجود المساواة وحقوق الإنسان وحقوق النساء في كلّ أوراق القوى السياسيّة، لوبي سياسي يقف على مسافة واحدة من الجميع وليس حزبًا سياسيًّا”.
الحزب السياسي أيديولوجي.
خولة غازي: “هناك فرق بين فكرة الأحزاب والمنظمات أو الجمعيات، ففي الأحزاب ينبغي أن تكون للكوادر القناعات الأيدلوجية ذاتها والهدف والتوجه ذاته، بينما في المنظمات ليس من الضرورة أن يكون ذلك”.
الأحزاب السياسيّة القائمة على أساس النوع الاجتماعي أحزاب عنصرية بالضرورة.
هند مجلّي: “لسنا مع الأحزاب التي تتشكّل على أساس جندري، قومي، عرقي، ديني، أو طائفي. لأنّها بالتالي ستكون أحزابًا عنصريّة بالضرورة، وهذا غير ممكن في سوريا دولة المواطنة والديمقراطيّة التي نسعى إليها، ولكن يمكن أن تكون هناك تنظيمات سياسيّة ذات أكثريّة نسائيّة، وقيادتها نسائيّة تأتي عن طريق الانتخاب كما في السويد”.
لدينا أجندة واضحة، اللوبي لا يعمل في الإغاثة.
تشكّلت منظّمات ومجموعات عديدة بعد الثورة، وكانت هناك مجموعة من المنظمّات النسويّة التي سبقت اللوبي، ولم يدخل اللوبي بها ولم يتوحّد معها ولم يدمج مشاريعه معها، تقول دينا أبو الحسن: “اللوبي متخصّص في التمكين السياسيّ، ولا توجد حتّى الآن مجموعة أخرى تعمل على هذا الهدف، بقيّة المنظمات النسويّة لها اختصاصاتها الأخرى، ونحاول العمل مع بعضها بشكل متكامل، بحيث نستفيد من خبرتها ونتبادل الآراء والمعلومات، لدينا أيضًا عضوات منضمّات إلى منظمات نسويّة أخرى، وأرى أنّ دمج المشاريع سوف يشتّت الجهود ويبطئ سير العمل، خاصّة مع اختلاف الأهداف، اللوبي لا يعمل في الإغاثة مثلًا، ولا في المشاريع التنمويّة، نحن نعمل في مجال جديد نسبيًا ولدينا أهداف بعيدة المدى”. تؤكّد ريما فليحان: “لدينا أجندة واضحة، هدف واحد لا غير وهو المشاركة السياسيّة للنساء وتمكينهنّ لهذا العمل وضمان وجود حقوقهنّ على أوراق القوى السياسية الآن وفي المستقبل، في الدستور والمؤسسات”.
كلّ حقوق النساء أولويّة، ولكنّنا بعد الأرقام أدركنا حجم المشكلة.
تضيف فليحان: “كلّ حقوق النساء أولويّة، لكنّنا رأينا أن نبدأ بالتمكين السياسيّ بسبب الواقع السياسيّ المتردّي للتمثيل النسويّ عقب الثورة، وجود نساء فاعلات اليوم في أماكن صنع القرار وفي القوى السياسيّة والحزبيّة والمجالس المحليّة سيضمن وجود حقوق النساء في المرحلة الانتقاليّة والدستور وسوريا المستقبل” بدورها أبو الحسن تقول: “نحن ندرس أسباب ضعف المشاركة السياسيّة، ونستطلع من الأحزاب والتيّارات عدد المشاركات ومستوى المشاركة، تمهيدًا للقيام بالدور الحقيقي للّوبي وهو الضغط من أجل مشاركة نسائية أكبر، عندما بدأنا العمل قبل نحو سنة، لم تكن هناك إحصائيّات حول المشاركة السياسيّة للمرأة، وعندما بدأت الأرقام تتّضح بعد اتصالنا بالأحزاب المختلفة وجمعِنا للمعلومات، أدركنا حجم المشكلة ومدى حاجتنا لتوجيه جهودنا وتركيزها في مجال محدد”.
الكوتا أمر حتميّ!
تتحدّث مجلّي: “التمييز القائم على أساس الجنس لا يزال عائقًا أمام مشاركة المرأة رسميًّا في عملية اتّخاذ القرار، ومشاركتها في الموارد الماديّة والسياسيّة، والكوتا هي تخصيص نسبة من المقاعد للنساء في البرلمان والوزارات والأحزاب، وهذا الأمر غير مقبول في دولة المواطنة، ولكنّنا نسعى إليها كحل مؤقت فقط لحين الوصول إلى نظام ديمقراطي حقيقي” وتضيف غازي: “الكوتا أمر حتميّ في الدول النامية، أو في الدول التي تشهد نزاعات للوصول إلى المناصفة بين النساء والرجال، ولكن هناك فرق بين أن تكون المرأة معدّة سلفًا للعمل السياسي من خلال دورات عديدة في هذا الخصوص وأن تكون مجرد ديكور”.
ماذا قدّم اللوبي فعليًّا على أرض الواقع؟
تجيب خولة غازي: “لا يمكن في سنة ونصف، وفي ظل الظرف القتالي على الأرض، أن تنصف عمل اللوبي ولا أيّ عمل مدني آخر، فلغة السلاح هي السائدة، كما أنّ المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام تحكمها فصائل إسلاميّة متشدّدة تجعل عمل المرأة صعبًا، وفي بعض الأحيان شبه مستحيل”، أمّا ريما فليحان فتقول: “استطاع اللوبي أن يتواصل مع القوى السياسيّة السوريّة، وأن يعقد اجتماعات هامّة على مستوى قيادات تلك القوى، ويضعها أمام نقد موضوعيّ للمشاركة النسائيّة فيها، كما تواصل مع بعض المجالس المحليّة في الداخل، ويقوم بإجراء دراسات علميّة منهجيّة ستنشر قريبًا، ستفيد في الحالة التقييميّة للواقع واقتراح الحلول، واستطاع التواصل مع مجموعات عمل نسويّة في داخل سوريا لتقييم الاحتياجات على مستوى التمكين، كما أقام ورشات عمل تمكينيّة أيضًا، والتقى بجهات دبلوماسيّة رفيعة المستوى، على مستوى الأمم المتّحدة والعالم، وقدّم وجهة نظرنا حول المشاركة النسائية، وعن سوريا المستقبل كما يراها اللوبي”.
كم عدد الشابات تحت عمر 30 في اللوبي؟
دينا أبو الحسن: “لا أعرف العدد بالتحديد، وأستطيع القول إن أغلب عضوات اللوبي في الثلاثينات أو الأربعينات من العمر، مع وجود عدّة شابات في العشرينات، نحن بحاجة للجميع على اختلاف الأعمار والتوجّهات، ونستفيد من وجود ومشاركة وخبرة الجميع، والباب مفتوح للراغبات، كان الترشيح في المرحلة الأولى يتمّ من خلال العضوات المؤسّسات، وعددهن 15، ولكن بعد إطلاق صفحة اللوبي على الانترنت، أصبح بإمكان جميع الراغبات و(الراغبين) مراسلتنا للانضمام إلى اللوبي، بصفة “عضوات” للنساء السوريّات و”أصدقاء اللوبي” بالنسبة للرجال.
مشاريع جديدة.
تنوّه ريما فليحان: “لدى اللوبي خطط للتواصل والتنسيق وفتح باب التعاون والتشبيك مع المنظمات النسويّة الأخرى والقيام بجولات علاقات عامّة، وتركيز وتوسيع عمل اللوبي” وتضيف دينا أبو الحسن: “لدينا عدة مشاريع تشمل زيارات لصنّاع القرار في عدة دول ضمن حملة الضغط والمناصرة، وحملات موجهة للنساء في سوريا، كما نعمل حاليًّا على بحث مهمّ يخص المشاركة السياسية، وسوف يعلن عن تفاصيله في نهاية العام أو أوائل العام المقبل”.
الإسلاميّات وحقوق الإنسان والديمقراطية والمساواة
سوريا حسب رؤية اللوبي هي دولة مدنّية ديمقراطيّة تعدّديّة ملتزمة بحقوق الإنسان، التي قد تتعارض مع الشريعة الإسلاميّة في بعض النّقاط، هل هذا الأمر جعل وجود الإسلاميّات أقلّ في اللوبي؟ وهل سيصنع شرخًا حقيقيّا في طبيعة علاقة المرأة السوريّة مع مستقبلها السياسيّ؟
تقول هند مجلّي: “لدينا عضوات إسلاميات متنورات في اللوبي ولكن نسبتهنّ قليلة” وتضيف ريما فليحان: “اللوبي له هويّة ديمقراطية واضحة، وبابه مفتوح لجميع النساء المؤمنات بتلك الرؤية بغضّ النظر عن توجهاتهنّ، ولا أعتقد أنّ الإسلاميات ضدّ الديمقراطية دائمًا، هذا تعميم غير دقيق، هناك شخصيّات إسلاميّة مؤمنة بالديمقراطيّة، ووجود السيّدة أسماء كفتارو في اللوبي خير دليل على هذا”.
إمكانيّات العمل السياسي النسائي
تقول خولة غازي: “العمل في ظلّ الخراب والدم، حتى ولو كان بطيء النتائج، إلّا أنّه أفضل من الركون إلى فرضية أنّ لا شيء يجدي في الحرب، عمل الناشطين وخاصة من هم على الأرض يتبع قاعدة الممكنات في ظلّ القبضة الأمنيّة والقبضة الدينيّة في بعض المناطق” وترى ريما فليحان أن: “هناك إمكانيّة داخل القوى السياسيّة وداخل المجالس المحليّة، وهناك ضغط لتمثيل النساء بالعمليّة السياسيّة والأحزاب الناشئة” أمّا دينا أبو الحسن فتقول: “قد تبدو أهدافنا طموحة للغاية في الظروف الحاليّة، ولكنّها مشروعة وطبيعيّة ولن يقوم مجتمع سليم دون تحقيقها. واجهنا اعتراضات كثيرة خلاصتها أنّ أهدافنا بعيدة عن الواقع، ولكنّنا لا نعمل فقط من أجل الواقع الحالي، بل من أجل المستقبل أيضًا. قد لا نرى اليوم الذي تحظى فيه المرأة بكافة حقوقها السياسيّة وغيرها، لكن من واجبنا العمل ليرى أبناؤنا وبناتنا هذا اليوم ويعيشوا هذا الواقع”.