نهى سويد
يقدّم فيلم «Difret» (2014) معالجة سينمائية تكشف موقع الجسد الأنثوي داخل البنية الاجتماعية في الريف الأثيوبي خلال تسعينيات القرن الماضي. يستند الفيلم إلى القصة الحقيقية للفتاة أبرش بيكيلي، ويفتح من خلال قصتها ملف الأعراف التقليدية، وعلى رأسها ممارسات «التلفا» التي تقوم على الاختطاف والزواج القسري. حيث تُشرعن الأعرافُ العنف، وتحكم السيطرة على النساء وسط بيئة اجتماعية تمنح الذكور هذه الأحقّية.
في مقابل هذا الامتداد القوي للعرف، يظهر القانون الرسمي ممثّلًا بمؤسسات الدولة الحديثة بحضورٍ هش وتأثيرٍ محدود، إذ يصطدم بتجذّر العرف وهيمنته على الوعي الجماعي، يتخذ الفيلم من هذه المواجهة مدخلا لإعادة التفكير في مفهوم العدالة ومعاييرها، وأمام منظومة اجتماعية راسخة تمنح شرعية للعنف وتُحاكم الضحية بدل الجاني يَطرح الفيلم تساؤلا هل تُستمد العدالة من القانون المكتوب، أم من العرف الذي يتوارثه المجتمع باعتباره مرجعية عليا تتجاوز الدولة نفسها؟
يروي Difert ما حدث مع بطلته هيروت “تزييتا هاغير” يافعة تبلغ من العمر ١٤ عامًا تعيش في قرية ريفية، تتغير حياتها فجأة بسبب حدث مأساوي. إلى جانبها تظهر أشينافي، محامية جريئة من أديس أبابا ومؤسسة مشاركة لجمعية المحاميات الإثيوبيات، التي تلعب دورًا حاسمًا في القصة.
اختُطِفت هيروت في اليوم الذي احتفلت فيه بنجاحها المدرسي، وذلك أثناء عودتها إلى المنزل على يد مجموعة من الرجال يمتطون الخيول. ثم يقوم قائدهم باغتصابها ليتضح لاحقًا أنّ هذا الرجل قد طلب يدها من والدها، لكنّ الوالد رفض رغبةً منه بأن تُكمِل ابنته تعليمها، بعد رفضه، لجأ الخاطف إلى أحد أقدم التقاليد الإثيوبية المعروفة باسم “التلفا”، والتي تسمح للرجال باختطاف الفتيات القاصرات والتعدي عليهن باستمرار حتّى تحمل القاصرة من مغتصبها، فيضعها خاطفها هي وأهلها تحت الأمر الواقع، ويتزوجها للحفاظ على سمعتها.
يفتتح الفيلم بمشهد ريفي، حيث تعود هيروت من المدرسة محاطةً بمظاهر الحياة اليومية، يرافقها فرح الاحتفال بنجاحها، بينما تتوزع في الخلفية خيول خاطفيها وأثر خطواتها على الأرض، مؤطرةً في فضاء بصري يبرز الاعتماد على البيئة الطبيعية والحياة الريفية. يمنح المشهد المشاهد إدراكًا حسيًا لمكان الأحداث، ويبرز هشاشة الفرد أمام منظومة السلطة التقليدية التي تتحكم بالمجتمعات عبر الأعراف والعلاقات الاجتماعية المهيمنة.
يتداخل فرح الطفلة مع شعورها بالخطر، ليكشف المشهد عن ازدواجية الحياة الريفية: فالتعليم يمثل فرصة للتغيير، بينما تُفرض قيود صارمة من خلال أشكال مختلفة من السيطرة الذكورية، من بينها الاختطاف.
إنّ استخدام المخرج زريسيناي برهاني ميهاري (Zeresenay berhane mehari) للزوايا البعيدة واللقطات الواسعة يضع الطفلة في منتصف بنية اجتماعية مشدودة بين الحرية والتهديد، بينما تُظهر اللقطات القريبة مع المونتاج مفارقة بصرية متقنة، لقطة تصور ابتسامة الطفلة أثناء الاحتفال تتلوها لقطة تُلمّح إلى وجود الخيول كإشارة للقوة الذكورية، ما يهيئ المشاهد لتلقي الحدث الأساسي وهو الاختطاف.
يأخذنا مشهد افتتاح difret إلى حادث مأساوي في سوريا، حيث تعرضت فتاة يافعة في منطقة سلحب بريف حماه لهجوم جماعي واغتصاب على أيدي مجموعة من العناصر المسلحة. توفر قصة هيروت إطارًا تحليليًا أوسع يربط بين هذين الواقعين، موضحةً كيف تُستعاد السيطرة على النساء في بيئات متباينة، بطرق تختلف بين الاغتصاب المفضي إلى الزواج القسري، وانتهاك الجسد تحت مسميات متعددة، أو استخدام النساء كأدوات للضغط السياسي والابتزاز الاقتصادي. يتفاقم هذا الواقع في ظل غياب القانون، وتصاعد نفوذ التشكيلات المسلحة والعناصر المنفلتة، التي يتقدّم ولاؤها العشائري على ولائها للدولة.
في محاولة واضحة لإعادة تثبيت سلوكيات من زمن الغزو بحيث يصبح التهديد جزءًا من النسق الاجتماعي ذاته لا مجرد حادث فردي أو استثناء.
يقدّم الفيلم عادة خطف النساء في إثيوبيا ضمن سياق تاريخي وثقافي، معتبرًا إياها ممارسة مشروعة ضمن العرف القبلي، مع الحفاظ على تحليل دوافعها الاجتماعية دون تبرير العنف. يتخذ الفيلم موقفًا أخلاقيًا واضحًا، إذ يُبرز أن الاختطاف فعل عنيف ينتهك حقوق الفتاة، ويعرض المواجهة القانونية كخطوة ضرورية لاستعادة الاعتبار للجسد الأنثوي. يركز التحوير الدرامي على التأثير النفسي والمجتمعي للممارسة، عبر تبسيط الوقائع لتعزيز قوة السرد، مما يسمح للمشاهد بالتركيز على البُعد الأخلاقي والتفاعل معه، بدل الاقتصار على الوقائع المعقدة وحدها.
ما يحدث قانونيًا في سوريا بشأن ظاهرة خطف العلويّات يشبه ما صوّره فيلم Difret، إذ تتخلّى السلطة الرسمية غالبًا عن مساءلة مرتكبي الجريمة. يزيد تعقيد الوضع وجود حالات إنكار أو صمت من المجتمع المحلي، ما يجعل هذه الظاهرة متجذرة ومرتبطة بسياقات اجتماعية وثقافية محددة. تنسجم حالات الخطف في سوريا مع فكرة الفيلم، فهي تُظهر إعادة إنتاج منطق سلطة موازية تتغاضى عن اختطاف النساء، الذي يُمارس أحيانًا تحت مظلة الأعراف أو السلوك الاجتماعي والثقافي، رغم أنه يُدان قانونيًا وأخلاقيًا.
يقدّم الفيلم نموذجًا لقراءة العنف العرفي بصريًا ودراميًا، ويتيح إطارًا نقديًا لفهم الانتهاكات في بيئات الانهيار القانوني والاجتماعي، ويبيّن كيف يمكن للسينما أن تضع المشاهد أمام فجوة بين الأعراف والمورثّات الثأرية البالية والحقوق الفردية.
في اليوم التالي تتمكن بطلة الفيلم من الهروب، وتنجح باقتناص مسدس خاطفها، ولكن سرعان ما يُكتشف أمر هروبها، وتحاصرُ مرّة أخرى، فتطلق النار على خاطفها وتقتله. هذا الحدث يصبح محور السرد القانون والأخلاقي في الفيلم. هل ستعامل الفتاة كقاتلة أم ضحية تمارس حقّها في الدفاع عن النفس.
يركّز المُخرج على هذه اللحظة باستخدام زوايا كاميرا منخفضة وحركة متسارعة تزيد من توتر الحدث، ويجعل المشاهد يعيش الصراع النفسي للبطلة.
يوجّه الفيلم خطابه بشكل واضح نحو موقف أخلاقي تحرّري، إذ يُظهر أن فعل القتل يأتي لإثبات الحق في الكرامة والحماية الذاتية، ويحوّل الحادثة إلى منصة للنقاش القانوني حول مكانة المرأة في المجتمع، بدل التركيز على الالتزام الصارم بالعرف أو العقاب الإجرائي. على الرغم من تبسيط السرد الدرامي لبعض التعقيدات التاريخية للواقعة الأصلية، يحتفظ الفيلم بجوهرها كحدث يسمح بمحاكمة رمزية للعنف العرفي ضد النساء، ويجعل الجمهور يدرك الأبعاد الأخلاقية والاجتماعية للقرار الفردي وتأثيره على المجتمع.
تتكرر حوادث خطف النساء في سوريا بشكل شبه يومي، لا سيما النساء العلويات، على أيدي عناصر مسلحة وميليشيات وأفراد منفلتين، في ظل شعور هؤلاء بالإفلات من العقاب نتيجة غياب متعمد أو غير متعمد للسلطة الحاكمة. تغيب الدولة عن حماية النساء، ما يزيد من هشاشة الضحية ويعزز آليات السيطرة عليها. إنّ غياب الدولة يفرض سؤالًا جادّا، هل يمكن أن يتحول حق الدفاع عن النفس والكرامة في سوريا إلى فعل ثوري وحقوقي، ضمن بيئة تُهيمن عليها انعدام العدالة وغياب سلطة القانون؟
إنّ تحليل هذه الظاهرة في ضوء ما يقدّمه الفيلم يُظهر أن أي مقاربة للأحداث في سوريا تستدعي التمييز بين بنيتين متوازيتين: الأولى هي البنية الاجتماعية التي تميل إلى إنكار ظاهرة الخطف أو إعادة إنتاجها عبر تبريرات عرفية وثقافية ضاربة الجذور؛ أما الثانية فهي البنية الأخلاقية والقانونية التي تضع هذا الفعل في خانة الانتهاك الصريح للكرامة الإنسانية.
تحتجز الشرطة المحلية اليافعة هيروت، وتقرر إبقاءها قيد التوقيف بانتظار محاكمتها بتهمة القتل. في هذه الأثناء، تسمع المحامية ميزا أشينافي – التي تؤدي دورها الممثلة الإثيوبية ميرون جيتنت – خبر الفتاة عبر بث إذاعي في أديس أبابا، لتتجه فورًا إلى القرية النائية التي تبعد نحو ثلاث ساعات عن العاصمة، متخذة قرارًا بتولي الدفاع عنها بنفسها.
يشكّل حضور المحامية في Difret تمثيلًا واضحًا للقانون داخل فضاء تهيمن عليه الأعراف، وتقدّم كنموذجٍ للنسوية القانونية في مجتمع إثيوبي محافظ.
المشاهد التي تتناول نشاطها داخل المحكمة، ولقاءاتها بالقاضية، وصياغة المرافعات، كلها تمنح القانون حضورًا مرئيًّا في مواجهة سلطة العرف.
يعرض التمثيل الدرامي الإجراءات القانونية مُقدّما دور المحامية كقوة مضادّة للنظام العرفي، موضحًا دورها في تغيير نمط التفكير الاجتماعي وإعادة تأهيل المفاهيم الأخلاقية في المجتمع، وكذلك موازنة العدالة التصحيحية مع الانتهاك الواقعي. لعبت المحامية في القصة الحقيقة دورًا حقيقيًا في القضية، وقد استلهم الفيلم من نشاطها وأثرها المستمر، الذي امتدّ لاحقًا ليصل إلى مواقع قضائية عليا.
يحضر دور المحامية في الفيلم كصيغة واضحة للقانون الفعّال، في مقابل واقع سوري يفتقر إلى جهاز قضائي مستقل قادر على حماية النساء، ما يفتح المجال أمام السلطات الموازية والعناصر المنفلتة لفرض شرعيتها وممارسة العنف.
يشكّل مشهد المحاكمة في Difret ذروة درامية تترابط فيها عدة مستويات سردية، المرافعات القانونية، شهادات القرويين، الصراع بين الأعراف التقليدية والشريعة الوطنية، المخرج يوزع الاهتمام بين القضاة، المحامية، والبطلة، تنقل اللقطات القريبة على شهادات القرويين إحساس الانقسام الاجتماعي والضغط الجماعي، إذ يظهر بعض القرويين ميلاً لإدانة الضحية وفق الأعراف (telefa)، معتبرين أن اختطاف الفتيات حقٌ تقليدي، بينما يتصارع آخرون على موقف أكثر تعقيدًا وداعم للفتاة.
تمثل ظاهرة telefa في إثيوبيا، كما يعرضها الفيلم، اختطاف الفتيات بغرض الزواج القسري وفق الأعراف التقليدية. يبرر التاريخ الاجتماعي هذا الفعل ضمن ثقافة معينة، بينما يرفضه القانون والأخلاق. تركز هذه الممارسة على السيطرة على الجسد الأنثوي داخل شبكة سلطة اجتماعية مهيمنة، وتكشف كيف يُوظّف العنف الثقافي لتقنين النفوذ الاجتماعي والذكوري وإضفاء شرعية على الهيمنة.
تنسجم هذه الظاهرة مع ما يحدث في سوريا، حيث تنتشر حالات اختطاف النساء لأغراض سياسية أو بهدف الزواج القسري، أو للاغتصاب والتعذيب. بعض الجماعات والأفراد يبررون اختطاف النساء المختلفات دينيًا وأخذهن كسبايا، معتبرين الفعل “مُحلّلًا شرعيًا”، متجاوزين القانون الرسمي. يضع هذا الواقع النساء في مواجهة مباشرة مع سلطة غير رسمية، تمامًا كما في السياق الإثيوبي.
يقدّم الفيلم نموذجًا بصريًا وفكريًا لكيفية مواجهة العنف الممنهج، مُظهرًا أن التغيير ممكن حين تتضافر السلطة القانونية والمناصرة الاجتماعية، إنّه درس مباشر يمكن استحضاره لفهم كيفية تعامل المجتمع الدولي والمحلي مع الانتهاكات المماثلة في سوريا.
يختتم فيلم Difret قصة البطلة هيروت بقرار قانوني يحوّل مسار حياتها. بعد مواجهة حكم بالإعدام، تنجح المحامية ميزا أشينافي في إقناع المحكمة بأنّ فعل هيروت كان دفاعًا مشروعًا عن النفس، فتُبرأ من التهم ويُطلق سراحها. رغم البراءة القانونية، يفرض مجلس الشيوخ في قريتها عقوبة رمزية تتمثل في نفيها بعيدًا عن مجتمعها، بينما يُجبر والدها على دفع تعويض مالي لعائلة المعتدي.
في فيلم “Difret”، تُعرض شخصية الأخت الصغرى لهيروت كجزء من السياق العائلي والإنساني للقضية، تتذكّر هيروت اختها الصغرى قلقةً على سلامتها وتعليمها بعد أن قام والدها بسحبها من المدرسة لحمايتها من مصير مشابه لمصير أختها الكبرى.
يمكن ربط هذا بالمشهد السوري الحالي، حيث تشير الأخبار المحلّيّة إلى أنّ بعض العائلات توقفت عن إرسال بناتها إلى الجامعات أو المدارس البعيدة خشية اختطافهنّ، يبرز هذا السياق أثر العنف الاجتماعي في تقليص مساحة الأمان للنساء، وفرض قيود على حريتهن، وتأثير الخوف على نشأتهنّ التعليميّة وفرصهنّ المستقبلية.
أحد أبرز إنجازات تحويل قضية aberash bekele إلى فيلم درامي هو توسيع نطاق النقاش حول ممارسات telefa من حادثة محلية محددة إلى قضية عالمية تستدعي التدخل القانوني والاجتماعي. أشارت أبرز الصحف العالمية إلى أن القصة ألهمت جهودًا قضائية وسياسية لتعزيز حظر اختطاف النساء وتعديل الممارسات المحلية في إثيوبيا، مؤكدين قدرة الفيلم على نقل الجدل من مستوى مجتمعي محدود إلى منصة للنقاش العام الدولي، حيث يبرز أثر الثقافة القانونية والسينما في تشكيل الوعي المجتمعي والدولي تجاه حقوق النساء.
لعبت البنية الإنتاجية للفيلم دورًا محوريًّا في نجاحه، حيث جاء الدعم الفني والثقافي من فنانات ومنتجات عالميّات مثل Julie mehretu والمشاركة التنفيذية لـAngelina jolie ليسهم في وصول الفيلم إلى جمهور واسع ومتعدد الجنسيات. هذا الانتشار العالمي زاد من شعبية العمل الفني، وأسهم أيضًا في تعزيز المناصرة لقضايا حماية المرأة وخلق ضغط رمزي على الهياكل القانونية والاجتماعية التقليدية في إثيوبيا. وأبرز الفيلم كمثالٍ حيّ على قدرة لفن السينمائي على التحوّل من وسيلة للتعبير الفنّي إلى أداة ملموسة للتغيير القانوني والمجتمعي.
من المهم الإشارة إلى أنّ إبراش بيكيل، صاحبة القصة الحقيقية التي استند إليها الفيلم، أعربت عن مخاوفها بعد إنتاج العمل، مشيرة إلى أنها لم تُستشر بالشكل الكافي، وأنّ الفيلم كشف عن تفاصيل حياتها وأعاد تعريضها للخطر. وقد صدر أمر قضائي مؤقّت بتعليق عرض الفيلم في إثيوبيا في مرحلة ما بعد إنتاجه، ما يفتح نقاشًا جوهريًا حول أخلاقيات السرد المستند إلى حياة أشخاص لا يزالون يعيشون ويواجهون آثار القصة.
وبالتالي، فإن إنتاج فيلم يسلط الضوء على قضية إنسانية لا يكتفي بصنع رسالة قوية، فمن الضروري أيضًا مراعاة سلامة الأطراف المتضررة الذين ألهموا صانع الفيلم، وضمان إحاطتهم بالدعم والمناصرة بعد العرض، بما يحقّق التوازن المطلوب بين التأثير الدرامي والنزاهة الأخلاقية.
يستعين فيلم Difret بلغة سينمائية شبه وثائقية (docudrama)، تمكّنه من الجمع بين الواقعية التاريخية والتأثير الدرامي على الجمهور. يعتمد المخرج على تصوير طبيعي في مواقع فعلية، مما يمنح المشاهد إحساسًا بالمكان والزمان، ويعزز مصداقية الأحداث التي استُلهمت من الواقع. استخدام اللقطات القريبة والمقربة يتيح نقل التفاصيل النفسية للشخصيات، ويعمّق التعاطف مع البطلة ومواجهتها للصدمات الجسدية والنفسية واضعًا المشاهد في قلب الصراع الداخلي للأحداث.
الموسيقى التصويرية تُوظَّف بشكل مدروس لدعم الانفعالات العاطفيّة دون الدخول في استعراض مبالغ فيه، مما يحافظ على توازن بين التأثير العاطفي والواقعية الدرامية. الأداء التمثيلي، ولا سيما من الممثلات الرئيسيات نجح في نقل معاناة الشخصيات وصراعاتها الداخلية بدقة وحساسية، مع الحفاظ على احترام الطبيعة الواقعية للقضية، إلى أنّ بعض الشخصيات الثانوية من القرويين أو الفاعلين التقليديين تفتقر إلى العمق النفسي أو التطوير الدرامي. يُبرز فيلم Difret قدرة الفرد على مواجهة الظلم والتحديات الاجتماعية، من خلال قصة إبراش بيكيل التي حولت محنتها الشخصية إلى نشاط حقوقي واسع. اليوم تعمل إبراش على حماية النساء والفتيات ومكافحة الزواج القسري، وتُعتبر قصتها مصدر إلهام للكثيرات في إثيوبيا والعالم. رغم بعض الملاحظات النقدية على الفيلم كعمل سينمائيّ، إلّا أنّه يترك أثرًا عاطفيًا قويًا، يوضحُ كيف يمكن للشجاعة والإصرار أن يغيرا مجرى المجتمع ويحققان العدالة.



