آلاء محمد – صحفية سورية و عضوة في اللوبي النسوي السوري
بين غازي عنتاب والعثمانية، تتنقل صفاء مع أطفالها الأربعة بعد أن فقدت منزلها في أنطاكيا جراء الزلزال الذي ضرب 10 ولايات في جنوب تركيا ومناطق في شمال سوريا ووسطها، وراح ضحيتها مايقارب 60 ألف إنسان في البلدين.
نساء بلا مأوى
صفاء 38 عاما، سيدة سورية من دمشق لجأت إلى تركيا مع زوجها وأطفالها في عام 2014، وهي معلمة لغة انكليزية عملت فترة في المدارس السورية المؤقتة ثم عملت في المدارس التركية، وبعدها توقفت عن العمل بسبب توقف دعم اليونيسف عن المعلمين السوريين.
لذلك قرر زوجها أن يهاجر إلى أوروبا حتى يؤمن حياة كريمة لعائلته، وهي تنتظر لم الشمل منذ سنة ونصف.
تقول صفاء: “صرلي 9 سنين بأنطاكيا بحسها مدينتي، تعودنا عليها، ولكن هلأ رجعنا لمرحلة التهجير والبحث عن بيوت، وماعم نلاقي”.
تمضي أيامها حالياً في التنقل بين بيت أختها في غازي عنتاب وبيت أخيها في العثمانية، ريثما تجد منزلاً صغيراً يؤويها مع أطفالها.
ولكن للأسف تشهد المناطق الجنوبية ارتفاعاً كبيراً في إيجارات المنازل وقلتها أيضاً بسبب تضرر أعداد كبيرة منها جراء الزلزال.
وأم حمدو، أرملة سورية من حمص لجأت إلى أنطاكيا في 2015، تعيش مع ابنها وزوجته وبناتها الثلاثة، نجت مع عائلتها من الزلزال بأعجوبة، حيث يقطنون في الطابق الرابع وخلال الزلزال وقع بناؤهم، ليجدوا منزلهم أصبح الطابق الأول.
ذهبت إلى أحد أقاربها في ولاية قيصري وسط تركيا، ولكنها قررت العودة وشراء خيمة والبقاء فيها، لأنها لم تستطع تحمل تكاليف الحياة في تلك الولاية.
تقول أم حمدو: “بيت أقاربنا صغير عليهن ووضعهن مو منيح، رحنا قعدنا كم يوم عندهن وبعدين قررت أرجع عيش بهي الخيمة لحتى الله يفرجها”.
العيش في خيمة بالنسبة لام وبناتها ليس أمراً سهلاً، فهي تخاف عليهن كثيراً ولا تستطيع تركهن وحدهن.
العنف خلال الكارثة
عائشة، سيدة سورية وأم لثلاثة أطفال، أصغرهم مازال رضيعاً، تقيم في ولاية غازي عنتاب جنوب تركيا مع زوجها الذي طالما عانت من معاملته السيئة والعنف بأنواعه.
في الفجر الذي ضرب فيه الزلزال حاولت عائشة الهروب من المنزل مع أطفالها ولكن زوجها منعها، وصار يضربها بطريقة هستيرية حتى أن علامات الضرب بقيت أياماً على وجهها وجسدها.
تقول عائشة: “لما صار الزلزال ارتعبنا كتير جيت بدي أطلع مع ولادي من البيت ماخلاني وصار يمنعني لما أصريت نطلع صار يضربني بكل قوته”.
استطاعت عائشة الهرب منه لاحقاً وبقيت في أحد المساجد التي فتحت من أجل إيواء الناس، وكانت خائفة جداً من وصول زوجها لها وإعادتها للمنزل بالقوة.
أما مروة وهي شابة كانت تقيم في كركخان جنوب تركيا، إحدى المدن التي تضررت بشكل كامل من الزلزال، فقد أجبرت مع أخواتها ووالدتها أن تنزح إلى منزل أخيها في ولاية سكاريا.
تقول مروة: “أخي كان يضربنا دائما، عندما فقدنا منزلنا وأخبرتنا والدتي أننا سنذهب إلى منزل أخي، شعرت بالخوف والرعب من أن نعود للحياة مع أخي ومعاملته السيئة”.
ماتزال مروة وعائلتها يعيشون في منزل الأخ، تحت الضغط النفسي الناتج عن صدمة الزلزال، والضغط الذي يمارسه الأخ من خلال التحكم بأمه وأخواته.
معاناة مضاعفة
تعاني النساء خلال الكوارث أنواع كثيرة من العنف، منها العنف الجنسي في مراكز الإيواء والخوف من الخطف وحالات التحرش، الضرب من قبل الشريك والعنف اللفظي والاقتصادي والسرقة.
ويعتبر إنعدام الخصوصية وعدم القدرة على الوصول إلى المراحيض أو الاستحمام من الأمور التي تعاني منها النساء، لاسيما أولئك اللواتي يسكن حالياً في المخيمات أو في مراكز الإيواء الجماعية أو شقق مع عدة عائلات.
ولا ننسى أن نتحدث عن الأخطاء التي ارتكبتها بعض المنظمات خلال الاستجابة الطارئة، وهي عدم اعتبار الاحتياجات النسائية مثل “الفوط الصحية والملابس الداخلية” من الأولويات التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.
وتتحمل النساء عادة في أوقات الكوارث والحروب أعباء كبيرة وتزيد مسؤولياتهن في رعاية شؤون الأسرة بما في ذلك إعداد الطعام ومراعاة المرضى، وتأمين الطعام والشراب والملابس.