آلاء محمد – صحفية سوريّة وعضوة في اللوبي النسوي السوري
“دعمك ساعدني لأتخطى هالمرحلة، وجودك أعطاني قوة” هذه عبارات قالتها نساء لنساء أخريات ساندن بعضهن في مراحل تعرضن فيها للتمييز والتعنيف سواء من قبل عائلاتهن أو مجتمعهن المحيط، ربما يكون التضامن هو أهم ما يجب أن نتعلمه ونطبقه كنساء تجاه قضايا بعضنا، لأنه مرتبط بحقيقة إدراكنا للمعاناة التي نعيشها في مجتمعات تمييزية إقصائية.
المرأة ليست عدوة للمرأة، إذ لابد أن نعترف أن الضحية الأساسية للتمييز بناء على النوع الاجتماعي هن النساء، ويتم استخدامهن من قبل الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات المسيطرة والمستغلة لقمع بعضهن، فتقوم بعضهن بالتواطئ مع الواقع التمييزي والترويج لتفوق الرجل وتكريس النظرة النمطية بأن النساء لا قيمة لهن من دون ارتباطهن برجل.
عملت ثقافة المجتمع على تربيتنا وتنشئتنا بأننا لا يمكن أن نتعلم من تجارب بعضنا كنساء، وأن الحال الطبيعي لنا أن نكون “عدوات” وكم من النكت والجمل الساخرة ألقيت في هذا السياق، وجعلت بعضنا يصدق أن هذا الحال حقيقة مطلقة لا تحتمل الشك.
وإذا ما أردنا أن نحدث تغييراً حقيقياً في وضع النساء ضمن مجتمعاتنا، يجب علينا أن نؤمن بتجاربنا كنساء أو نتخلص من هذه الثقافة التي أوهمونا إياها، وأن نركز على المعنى الحقيقي للتضامن.
يساعدنا التضامن في معرفة نضالات النساء خارج دوائرنا الضيقة وكيف خرجن من المحن والمشكلات التي تواجهنا كنساء خلال مسيرة حياتنا، ويدفع الناشطات للمضي نحو الأمام والاستمرار في العمل ومقاومة كل محاولات قمع النساء لمنعهن من المواصلة في النضال الحقوقي.
ويعزز التضامن القدرة على مقاومة العنف ضد النساء، ويحفز لديهن المبادرة والقدرة على المقاومة وبالتالي إظهار القوة الحقيقية للتضامن والتي من شأنها أن تكون قاعدة جماهيرية كبيرة تجاه قضاياهن، ولاسيما عندما يكون منظما ضمن عمل جماعي وحملات مخططة بشكل جيد، حيث الهدف الواضح والقدرة الأكبر على الوصول لأماكن العنف والحد منها.
وتكمن قوة التضامن في إزالة الحواجز الموجودة بين النساء التي صنعتها الثقافة المجتمعية القائمة على التمييز ضدهن، وذلك من خلال التركيز على النقاط المشتركة وإعطاء الاختلاف طابعاً إيجابياً من شأنه أن يساهم أيضاً في التغيير، فلسنا كلنا متشابهات في الفكر، ولسنا كلنا متفقات حول كل القضايا، ولكن حتماً نؤمن بأن المرأة في مجتمعاتنا تستحق حياة أفضل.
ربما نسمع أصواتاً تقول أنها غير معنية بالقضية الفلانية على سبيل المثال نذكر “التحرش الجنسي” لأنها لم تتعرض لمثل هذا الأمر،
وهنا نحن أمام معايير أخلاقية خاصة لكل واحدة فينا، يمكننا أن نتضامن بناء على تأكيدنا بإلتزامنا تجاه الحراك النسائي و النسوي الحقوقي الذي تقوم به المؤسسات والمنظمات لضمان حقوق النساء والتي تهدف أولاً لإنهاء كل أشكال التمييز بناء على الجنس.
إن تحقيق الانتصار في قضايانا كنساء، يتطلب أن نبذل جهداً مضاعفاً لنستطيع أن نتغلب على التنشئة الاجتماعية القائمة على التمييز، والتي تعتبر أحد أهم أسباب العنف الممارس على النساء، وذلك من خلال تطوير أدوات التضامن وتشكيل شبكات مع أطراف متعددة بالمجتمع.
حينها يكون التضامن النسوي في مواجهة مباشرة مع المنظومة الثقافية التي يعمل عليها النظام الأبوي الذكوري المروجة لكيد النساء ضد بعضهن وكراهيتهن لبعضهن أو حتى ضد الجنس الآخر، ومن ثم نستطيع تحطيم شعار “المرأة عدوة المرأة”.
إن تضامننا كنساء مع بعضنا البعض وفتح مساحات آمنة لنقاش قضايانا سواء التي نتفق أو نختلف عليها، يفتح أمامنا مجالاً واسعاً لفهم أسباب الاختلاف بعمق أكبر وتحليل أسباب الكراهية داخلنا، وبالتالي التخلص من المشاعر السلبية التي زرعت فينا والتي جعلتنا نعتقد أننا السبب وراء اضطهادنا.
والتضامن النسوي كمصطلح موجود قديماً، ويقصد به الدعم والقوة اللذين يخلقهما حشد النساء حول قضايا مشتركة على أساس نسوي، ويكون من خلال تقديم الدعم المادي والنفسي والمعنوي لنساء أخريات، ويعتبر التضامن النسوي أحد أبرز آليات النضال النسوي والحركات النسوية، حيث يتضمن التفهم والدعم وعدم التسلط ومراعاة الفروق بين النساء على أساس الطبقة والعرق والدين.