آلاء محمد – صحفية سورية وعضوة باللوبي النسوي السوري
ترند! مصطلح مهم في السوشيال ميديا ويرغب كل من هب ودب أن “يركب الترند” بعلم أو من دون علم، كما حصل تماما في قصة الممثل جوني ديب والممثلة آمبر هيرد، وذلك بعد حصول الأول على البراءة من قضية التعنيف التي وجهتها له آمبر وقدم أدلة على تعرضه للتعنيف من قبلها.
ومن الترندات التي ظهرت خلال الفترة السابقة أيضاً، قصة المسنة السورية التي تعرضت للضرب من قبل رجل تركي، وتفاعل السوريون مع هذا الحدث العنصري بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولن أتحدث في هذا المقال عن هذين الحدثين وإنما سوف أذهب إلى بعض التعليقات والمشاركات التي ربطت الترندات بالحركة النسوية من باب الهجوم عليها والإساءة لها أو لشخصيات نسوية.
استثمار أي قضية أو حدث عالمي أو محلي لشتم النسوية أو السخرية من النسويات بات أمراً ثابتا لدى البعض من المثقفين/ات السوريين/ات، ومن أسخف التعليقات التي انتشرت “جوني ديب انتصر على النسويات!”.
وفي قضية ليلى، كتبت إحدى الناشطات منشورا طويلا عريضا طالبت فيه المنظمات النسوية بالتدخل، دون أن تسأل نفسها أو حتى تقوم بالتواصل مع المنظمات المعنية وتسألهم عن رأيهم فيما حدث أو تستفسر عن موقفهم تجاه القضية، ولكن فضلت أن تتهم النسويات بالانتقائية في دفاعهن عن القضايا.
ربما نميل نحن السوريين إلى الحالة الهجومية الجماعية دون إدراك أو وعي، وأعتقد أن هذه الحالة ترمي إلى التنصل من المسؤولية أو الهروب من الذات، فنجد أننا نقع في فخ رمي الشتائم أو المحاسبة غير العادلة أو الالتفاف حول المشكلة بإلقاء اللوم على طرف ما
الرجل انتصر!
تصاعد في السنوات الأخيرة الهجوم على الحركة النسوية السورية، وتم تسخيف مبادئها والسخرية ممن يتبنون اتجاهات نسوية وفي بعض الأحيان تم التعرض لبعض النسويين/ات بشكل شخصي، ومن المفهوم أن المبادئ التي تتبناها الحركة النسوية لا مفر فيها من الاصطدام مع بعض الثوابت والأعراف الاجتماعية والدينية.
ولكنني أعتقد أن السبب وراء هذا الهجوم الكبير واستحضار مصطلح “النسوية” في كل قضية ضمن إطار النقد والتسخيف، ليس من باب التفاعل مع قضايا معينة أو الاصطدام مع ثوابت وأعراف، وإنما الخوف من التغييرات الحقيقة التي حدثت للنساء مع ظروف الحرب واللجوء والنزوح والتعرف على خبرات جديدة غير معتادة أو الاختلاط مع مجتمعات جديدة ورفع الوعي لحقوقهن وتعرفهن على قوانين جديدة لم يسمعن بها من قبل.
لا تطيق مجتمعاتنا أن تخرج المرأة من دور الخاضعة، لأن العلاقات فيها قائمة على مبدأ “السلطة والخضوع”، هذا الأمر سبب ذعرا حقيقيا لعدد كبير من الرجال الذين لم تستوعب عقولهم فكرة أن تطلب المرأة الطلاق أو أنها ترفض التعنيف أو أنها تختار وتقرر لوحدها دون الرجوع له، فاستثمروا فوز جوني ديب في قضيته واعتبروه انتصارا للرجل، متجاهلين أن هذا الرجل “ضحية عنف منزلي وفق ما أقرت به المحكمة”.
مشاركة التصورات الخاطئة عن النسوية
يعتقد كثير من الرجال والنساء في مجتمعاتنا أن النسوية تحمل أفكارا غريبة عجيبة وتهدف إلى تدمير المجتمع وتفكيك الأسرة، والبعض بات شغله الشاغل مشاركة أي شائعة أو معلومة خاطئة حول المفاهيم النسوية ونشرها على السوشيال ميديا.
من الشائعات التي يروج لها البعض “كره الرجال”، حيث يتم التحريض ضد النسويات على أنهن يكرهن الرجل ويرفض الزواج والإنجاب وتكوين عائلة، ويتجاهلون أن النسوية قائمة على المساواة مع الجنس الآخر لا رفضه، والتحرُّر من القيود الذكورية والسلطة الأبوية لا من وجود الرجل.
كما يتداول بعض المثقفين/ات، فكرة أن النسوية تريد أن يكون للمرأة أفضلية على الرجل، في الوقت الذي يعمون نظرهم فيه عن رؤية جهود الحركات النسوية التي تسعى لكسر القوالب النمطية التي ظلمت المرأة وخلقت اضطهادًا في مقابل أنها أعطت مميزات للذكر.
طالما سألت نفسي ماذا يعرف الرجال والنساء الذين يشاركون في نشر هذه الشائعات عن النسوية، لذلك قررت أن أكتب منشوراً على صفحتي الشخصية وتوجهت بسؤال للذكور فقط وهو “ماذا تعرفون عن الحركات النسوية السورية” من بين 90 إجابة كانت 4 معلومات جيدة ولكنها عشوائية والبقية معلومات شائعة أو عدم الرغبة بالمعرفة.
ولكن لفت نظري وأحزنني في نفس الوقت بعض الرسائل التي جاءتني على المسنجر من قبل بعض الرجال الذين يعملون في منظمات المجتمع المدني والذين يبدو أنهم يتوافقون مع الفكر النسوي ولكنهم لا يرغبون بالتصريح أو الإعلان!
خاص باللوبي النسوي السوري – حملة مارح أسكت